. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ...

مقام الفاعل مصدرٌ، وهو القول، وأضمر؛ لأن الجملة بعد مفسرة، والتقدير: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ) قول، وهو: (لا تُفْسِدُوا)، ونظيره: (ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوْا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) [يوسف: 35]، أي: بدا لهم بداء ورأيٌ، كذا قدر المصنف هذه الآية، أو يقال: إن قوله: (وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً): عطفٌ على مقول القول باعتبار الجملة لا باعتبار الإفراد، وكونه منصوباً على المصدرية أو المفعولية على الخلاف الذي سبق بيانه في "البقرة"، ونحوه في الاعتبار قوله تعالى: (تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) [الفتح: 16]، على تقدير: أو هم يُسلمون، وسيجيء بيانه في موضعه.

ورُوي عن الشيخ بدر الدين الجرجاني رحمه الله تعالى أنه قال: إن قوله: (سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً) بجملته مقولٌ للقول، والشرط يقتضي الجزاء. وقوله: (سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً)، لا يصلح أن يكون جزاء لتقدمه، لنه دالٌ عليه، فلا يكون له محل. وقوله: (وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً): عطفٌ عليه وحده، فيكون التقدير: ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك إن شاء الله أمراً، والشرط مع الجزاء المحذوف معترضٌ بين المفعولين.

وقدر المصنف في قوله تعالى: (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) [يوسف: 99]: "ادخلوا مصر آمنين إن شاء الله دخلتم آمنين".

أما بيانُ بلاغة هذا التركيب، فإنه لو قُدم الشرط بأن يقال: إن شاء الله ستجدني صابراً لفات التكرير والتوكيد المطلوب، ولو أخر بأن يقال: ستجدني صابراً إن شاء الله لاختل إرادة الاهتمام لكلمة التبرك، ولعُدم حُسنُ موقع الاعتراض، فإنه من تحاسين الكلام، فالتركيب قريبٌ من قوله: (لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم: 6] فيكون من باب الطرد والعكس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015