يوشع ما رأى منه وما اعتراه من نسيانه إلى تلك الغاية، فدهش وطفق يسأل موسى عليه السلام عن سبب ذلك، كأنه قال: أرأيت ما دهاني إذ أوينا إلى الصخرة؟ فإني نسيت الحوت، فحذف ذلك. وقيل: هي الصخرة التي دون نهر الزيت. و (أَنْ أَذْكُرَهُ) بدل من الهاء في (أَنْسانِيهُ) أي: وما أنساني ذكره إلا الشيطان. وفي قراءة عبد الله: أن أذكركه. وعَجَباً ثانى مفعولي اتخذ، مثل سَرَباً يعنى: واتخذ سبيله سبيلاً عجبًا، وهو كونه شبيه السرب. أو قال: عجبا في آخر كلامه، تعجبا من حاله في رؤية تلك العجيبة ونسيانه لها أو مما رأى من المعجزتين، وقوله (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه. وقيل: إن عَجَباً حكاية لتعجب موسى عليه السلام، وليس بذاك ذلِكَ إشارة إلى اتخاذه سبيلا، أي: ذلك الذي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ذلك"، ونظيره قوله تعالى: (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ) [الأحقاف: 11] قال تقديره: (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ)، ظهر عنادهم (فَسَيَقُولُونَ)، وهذا المضمر صح به الكلام، حيث انتصب به الظرف، وكان (فَسَيَقُولُونَ) مسبباً عنه".

قوله: (نهر الزيت) سمي به لكثرة أشجار الزيت على شاطئه، فقوله: "وقيل: هي الصخرة": عطفٌ على قوله: "فلما جاوزا الموعد" وهو الصخرة.

قوله: (و (أَنْ أَذْكُرَهُ): بدل من الهاء في (أَنْسَانِيه) أي: بدل اشتمال.

قوله: (إن (عَجَباً) حكاية لتعجب موسى، وليس بذاك)، أي: ليس هذا القول بذاك القول الذي يُعرج عليه، كقولك: ليس بشيء، أي: شيء يُعتد به، بيانه: أن موسى عليه السلام لما قال ليوشع: (آتِنَا غَدَاءَنَا)، أجاب بقوله: (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ)، وهي كلمة تعجب، فلما بلغ قوله: (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ) تعجب موسى من ذلك فحكى الله تعالى تعجبه، ولا ارتياب في تعسفه وبُعده من بلاغة التنزيل، ولكن (عَجَباً) مقول فتى موسى: إما على أنه صفة موصوف محذوف، وهو ثاني مفعولي "اتخذ" كما قدره المصنف، أو:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015