حذرا أن يصيبكم مثل ما أصاب هؤلاء"، ثم زجر النبي صلى الله عليه وسلم راحلته فأسرع حتى خلفها. (آمِنِينَ) لوثاقة البيوت واستحكامها من أن تتهدم ويتداعى بنيانها، ومن نقب اللصوص ومن الأعداء وحوادث الدهر. أو آمنين من عذاب الله يحسبون أنّ الجبال تحميهم منه. (ما كانُوا يَكْسِبُونَ) من بناء البيوت الوثيقة والأموال والعدد.

[(وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ)].

(إلَّا بِالْحَقِّ): إلا خلقاً ملتبساً بالحق والحكمة، لا باطلا وعبثاً. أو: بسبب العدل والإنصاف يوم الجزاء على الأعمال، (وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَة): ٌ وإنّ الله ينتقم لك فيها من أعدائك، ويجازيك وإياهم على حسناتك وسيئاتهم، فإنه ما خلق السموات والأرض وما بينهما إلا لذلك، (فَاصْفَحِ): فأعرض عنهم واحتمل ما تلقى منهم إعراضاً جميلا بحلم وإغضاء. وقيل: هو منسوخ بآية السيف. ويجوز أن يراد به المخالقة فلا يكون منسوخاً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فإنه ما خلق السماوات والأرض وما بينهما إلا لذلك)، أي: للانتقام من الأعداء، وإعطاء الجزاء للأولياء، بيانُ الحصر هو: أن الله سبحانه وتعالى قال: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ) والحق: هو العدل والإنصاف، وهما إنما يستتبان بوجود جزاء المحسن والمسيء، وإن الدنيا ليست بدار جزاء، بل هي دار الابتلاء والتكليف، فلابد من يوم الدين ليصل إلى كل ذي حق حقه، كقوله تعالى: (إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ) [يونس: 4]، ومثل هذه الآية قوله تعالى: (حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنْ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * مَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ) [الأحقاف: 1 - 3].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015