وكذلك الضمير في (تُؤْمَرُونَ). وعدى (وقَضَيْنا) بإلى؛ لأنه ضمن معنى: أوحينا، كأنه قيل: وأوحينا إليه مقضياً مبتوتاً. وفسر (ذلِكَ الْأَمْرَ) بقوله: (أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ)، وفي إبهامه وتفسيره تفخيم للأمر وتعظيم له. وقرأ الأعمش: إن، بالكسر على الاستئناف، كأن قائلا قال: أخبرنا عن ذلك الأمر، فقال: إنّ دابر هؤلاء. وفي قراءة ابن مسعود: (وقلنا إنّ دابر هؤلاء). ودابرهم: آخرهم، يعنى: يستأصلون عن آخرهم حتى لا يبقى منهم أحد.
[(وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ * قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ * وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ * قالُوا أَوَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ * قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ * لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ * إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ *
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ)].
(وجاء أَهْلُ الْمَدِينَة): ِ أهل سدوم التي ضرب بقاضيها المثل في الجو، مستبشرين بالملائكة (فَلا تَفْضَحُونِ) بفضيحة ضيفي، لأنّ من أساء إلى ضيفه أو جاره فقد أساء إليه، كما أن من أُكرم من يتصل به فقد أُكرم (وَلاتُخْزُونِ): ولا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على تقدير النصب على الظرف لا يحتاج إلى (في)؛ لأنه مبهم، والظرف المبهم منصوب، والمؤقت حكمه حكم ما ليس بظرف، فيحتاج إلى (في)، وكذلك الضمير في (تُؤْمَرُونَ) مبهم، نُظر إلى تقديره، وهو راجع إلى حيث، ولو كان مؤقتاً لقيل: تؤمرون فيه.
قوله: (يعني يستأصلون عن آخرهم)، الراغب: قطع دابرة الإنسان: إفناء نوعه. قال تعالى: (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا) [الأنعام: 45].
قوله: (أهل سدوم) في "تهذيب" الأزهري سذُوم بالذال المعجمة، وفي "الصحاح": بفتح السين والدال غير معجمة: قرية قوم لوط عليه السلام.