افْتَحِي الْبَابَ وَانْظُرِي في النُّجُومِ ... كَمْ عَلَيْنَا مِن قِطعِ لَيْلٍ بَهِيمِ

وقيل: هو بعد ما يمضى شيء صالح من الليل. فإن قلت: ما معنى أمره باتباع أدبارهم ونهيهم عن الالتفات؟ قلت قد بعث الله الهلاك على قومه، ونجاه وأهله إجابة لدعوته عليهم، وخرج مهاجراً فلم يكن له بدّ من الاجتهاد في شكر الله وإدامة ذكره وتفريغ باله لذلك، فأمر بأن يقدّمهم لئلا يشتغل بمن خلفه قلبه، وليكون مطلعاً عليهم وعلى أحوالهم، فلا تفرط منهم التفاتة احتشاماً منه ولا غيرها من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (افتحي الباب) البيت، كأنه طال عليه الليل، يُخاطب ضجيعته بذلك، أو كان يحب طول الليل للوصال.

قوله: (شيء صالح من الليل) أي: قطعة طويلة منه، العرب تقول: مضى من عمري شيء، أي: مدة طويلة.

قوله: (ما معنى أمره باتباع أدبارهم ونهيهم عن الالتفات؟ ) يعني: كان يكفي في الهجرة أن يُقال: (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) فما معنى التتميم بهذين القيدين؟

وخلاصة الجواب: أن تلك النجاة كانت نعمة من الله مطلوبة تستحق الإقامة بمواجب الشكر لها، وذلك الشكر لا يتم إلا بفراغ من البال من كل وجه فأمر باتباع أدبارهم لئلا يشتغل عن إدامة الشكل بسبب تعلق قلبه بمن خلفه، ونُهوا عن الالتفات، لئلا ترق قلوبهم إذا نظروا إلى ما ينزلُ على قومهم، فيشتغل قلبه عن إدامة الشُّكر.

الانتصاف: اشتملت الآية مع وجازتها على آداب المسافرين في دين ودُنيا من أمير ومأمور، وتابع ومتبوع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015