فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [الذاريات: 36]. فإن قلت: فهل يختلف المعنى لاختلاف الاستثناءين؟ قلت: نعم، وذلك أنّ آل لوط مخرجون في المنقطع من حكم الإرسال، وعلى أنهم أرسلوا إلى القوم المجرمين خاصة، ولم يرسلوا إلى آل لوط أصلاً. ومعنى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأول، و (قَوْم) نكرة، فعوده إلى الضمير المعرفة متعذر، ولذلك قل أن يُستثنى من النكرة إلا في سياق النفي؛ لأنها تعم فيتحقق الدخول لولا الاستثناء، فلا يحسن: رأيت قوماً إلا زيداً، ويحسن: ما رأيت أحداً إلا زيداً.
وقلت: ليس ما نحن بصدده من قبيل: رأيت قوماً إلا زيداً، بل من قبيل: رأيت قوماً أساءوا إلا زيداً، على أن قوماً في الآية قوم معروفون محصورون، وإن كان منكوراً، بدليل قوله تعالى في العنكبوت: (قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ * قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ) [العنكبوت: 32]، فلو لم يكن آل لوط داخلين فيما سبق، لم يحسن منه أن يقال: (إِنَّ فِيهَا لُوطاً)، ولو لم يكونوا محصورين لم يقولوا: (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا)، وهاهنا لما سأل الخليل عليه السلام عن الرسل: (فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ) أجابوا: (إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) أي: قومٍ معروفين، تعرفهم أنت، ونحن لا يخفى علينا ولا عليك شيء من أحوالهم.
قوله: (وعلى أنهم أرسلوا) عطفٌ على محذوف عطف تفسير، كأنه قيل: إن آل لوط مُخرجون من حكم الإرسال، بناء على ما عُلم، وعلى أنهم أرسلوا إلى القوم المجرمين خاصة، وكذلك تقدير قوله: "وعلى أن الملائكة" أي: فهم داخلون في الإرسال، بناء على ما عُرف، وعلى أن الملائكة أرسلوا إليهم جميعاً.