لأنّ البشارة بمثل هذا بشارة بغير شيء. ويجوز أن لا يكون صلة لبشر، ويكون سؤالا عن الوجه والطريقة يعنى: بأي طريقة تبشرونني بالولد، والبشارة به لا طريقة لها في العادة. وقوله (بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ) يحتمل أن تكون الباء فيه صلة، أي: بشرناك باليقين الذي لا لبس فيه، أو بشرناك بطريقة هي حق؛ وهي قول الله ووعده، وأنه قادر على أن يوجد ولداً من غير أبوين، فكيف من شيخ فان وعجوز عاقر. وقرئ: (تبشرون)، بفتح النون وبكسرها على حذف نون الجمع، والأصل تبشرونني،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ) جاء باستفهام آخر، إما لبيان خرق العادة، وأنه أمر عجيب، أو لتقرير ذلك الإنكار، وأن تلك البشارة ليست ببشارة، وإليه الإشارة بقوله: "لأن البشارة بمثل هذا بشارة بغير شيء".

قوله: (وقرئ: (تُبَشِرُونَ) بفتح النون) قرأ نافع: "فبم تُبشرونِ" بكسر النون مخففة، وابن كثير بكسرها مشددة، والباقون: بفتحها. قال أبو علي في "الحجة": أراد: فبم تُبشرونني، فعدى الفعل إلى المضمر المنصوب؛ لأن المعنى عليه، فأثبت ما حذفه غيره من الكسرة التي تدل على الياء المحذوفة، وحذف النون الثانية؛ لأن التكرير بها وقع، ولم تُحذف الأولى التي هي علامة الرفع، والمصنف ذهب إلى أن المحذوف نونُ الجمع.

وقال الإمام: أما الكسر والتشديد فتقديره: (تُبشرونني)، أدغمت نون الجمع في نون الإضافة، وأما الكسر والتخفيف فعلى حذف نون الجمع؛ استثقالاً لاجتماع المثلين.

وقال أبو حاتم: حذف نافع الياء مع النون، وإسقاط الحرفين لا يجوز، وأجيب: بأن المحذوف حرف واحد، وهي النون التي هي علامة الرفع، على أن حذف الحرفين شائع،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015