(سَلاماً) أي: نسلم عليك سلاماً، أو سلمت سلاماً، (وَجِلُونَ): خائفون، وكان خوفه لامتناعهم من الأكل. وقيل: لأنهم دخلوا بغير إذن وبغير وقت. وقرأ الحسن: (لا توجل)، بضم التاء، من أوجله يوجله؛ إذا أخافه. وقرئ: لا تأجل. ولا تواجل، من واجله بمعنى أوجله. وقرئ (نُبَشِّرُكَ) بفتح النون والتخفيف إِنَّا نُبَشِّرُكَ استئناف في معنى التعليل للنهى عن الوجل؛ أرادوا: أنك بمثابة الآمن المبشر؛ فلا توجل. يعنى: (أَبَشَّرْتُمُونِي) مع مس الكبر، بأن يولد لي! أي: أن الولادة أمر عجيب مستنكر في العادة مع الكبر، (فَبِمَ تُبَشِّرُون) هي "ما" الاستفهامية دخلها معنى التعجب، كأنه قال: فبأي أعجوبة تبشروني، أو أراد: أنكم تبشرونني بما هو غير متصوّر في العادة، فبأي شيء تبشرون، يعنى: لا تبشرونني في الحقيقة بشيء؛

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوعد والوعيد، وعُقبت بقوله: (أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) وقوله: (وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ) على الجمع ليكون تقريراً لما ذُكر وتمكيناً له في النفوس كما ذكر، كما فُصلت بقصتي إبراهيم ولوط عليهما السلام، ليكون حكاية سلام الملائكة وبشارتهم بإسحاق وذكر الرحمة تفصيلاً لقوله: (أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، وقصة لوط ودمار قومه واستئصال شأفتهم تفصيلاً لقوله: (وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ).

قوله: (وكان خوفه لامتناعهم من الأكل)، قال في "هود": قيل: كانت عادتهم أنه إذا مس من يطرقهم طعامهم أمنوه، وألا خافوه، ويُقدر في هذا المقام بعد قولهم: (سَلاماً): قال سلامٌ، (فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ * فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ) [هود: 69 - 70]، وقال: (إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) " إلى آخره، وقد سبق في "هود" تحقيقه.

قوله: (وقرئ: "نبشرك"): حمزة.

قوله: (أو أراد: إنكم تبشرونني)، قيل: على الأول: الاستفهام للتفخيم، وعلى هذا، للتحقير. وقلتُ: الظاهر أنه عليه السلام لما أدخل همزة الإنكار في قوله: (أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015