فحيثما نصبنا حجراً فهو بمنزلة البيت، فكانوا يدورون بذلك الحجر ويسمونه: الدوار، فاستحب أن يقال: طاف بالبيت، ولا يقال: دار بالبيت.
(إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) فأعوذ بك أن تعصمني وبنيّ من ذلك، وإنما جعلن مضلات، لأنّ الناس ضلوا بسببهنّ، فكأنهنّ أضللنهم، كما تقول: فتنتهم الدنيا وغرّتهم، أي: افتتنوا بها واغتروا بسببها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويسمونه الدوار)، في حاشية "الصحاح": "قال ابن الأنباري: دوار: بد كانوا في الجاهلية يدورون حوله أسابيع، يتشبهون بأهل مكة"، وأنشد في "المغرب" لامرئ القيس:
فعن لنا سرب كأن نعاجه ... عذارى دوار في ملاء مذيل
السرب: الجماعة من الظباء والبقر، والنعاج: جمع نعجة، وهي الأنثى من بقر الوحش، والعذارى: جمع عذراء، والدوار: صنم كانت تنصبه العرب وتدور حوله. الجوهري: "الملاءة- بالضم والمد-: الريطة، والجمع: ملاء"، والمذيل: الطويل الذيل، وإنما ذكر حملاً على اللفظ.
قوله: (فاستحب أن يقال: طاف)، أي: "دار" بمعنى: طاف، ومنع أن يقال: "دار"، واستحب أن يقال: "طاف"؛ لئلا يتأسى بألفاظ المشركين.