(لا تُحْصُوها) لا تحصروها ولا تطيقوا عدها وبلوغ آخرها، هذا إذا أَرادوا أَن يعدوها على الإجمال، .......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حالهم، وهو من باب التمثيل، وسبيل هذا السؤال سبيل الجواب في قوله: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى) [الأعراف: 172].
شبه حالة الإنسان في كونه غير قائم بنفسه مفتقراً إلى من يقوم به، وما تقام به نفسه، وتكمل به حياته، ويتصل به إلى غايته، وهو أن يقال في حقه: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) [الإسراء: 70] بحالة الطفل أو الفرخ الذي يحتاج إلى قيم يتعيش به حياته، ويقيم به أوده، إذ لولاه لسقط متنه، ويبقى مهملاً معطلاً، وإليه ينظر قوله تعالى حكاية عن الكليم عليه السلام: (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) [طه: 50]، أي: أعطى خليقته كل شيء يحتاجون إليه، ويرتفقون به، ثم عرفهم كيف يرتفقون بما أعطاهم، وكيف يتوصلون إليه، والله أعلم.
قوله: ((لَا تُحْصُوهَا) لا تحصروها ولا تطيقوا عدها)، قال في "الأساس": "هذا أمر لا أحصيه؛ أي: لا أطيقه ولا أضبطه"، وقال القاضي: "يعني: لا تطيقوا عد أنواعها، فضلاً عن أفرادها، فإنها غير متناهية، وفيه دليل على أن المفرد يفيد الاستغراق بالإضافة".
الراغب: "الإحصاء: التحصيل بالعدد، يقال: أحصيت كذا؛ من لفظ الحصا، واستعمال ذلك فيه من حيث إنهم كانوا يعتمدونه بالعد كاعتمادنا فيه على الأصابع".