(وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) "من" للتبعيض، أي: آتاكم بعض جميع ما سألتموه، نظراً في مصالحكم. وقرئ من كلّ" بالتنوين، و (ما سألتموه) نفى ومحله النصب على الحال أي: آتاكم من جميع ذلك غير سائليه، ويجوز أن تكون ما موصولة، على: وآتاكم من كل ذلك ما احتجتم إليه ولم تصلح أَحوالكم ومعايشكم إلا به، فكأنكم سألتموه أو طلبتموه بلسان الحال.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيه بأن جعلهما خلفة يتعاقبان؛ يجيء هذا ويذهب ذاك، وبين فيه حكمة التسخير من وجهين:

أحدهما: إرادة التذكر، وهو أن يتفكر المكلف في هذه القدرة العظيمة، فيعرف كمال مسخرهما.

وثانيهما: إرادة الشكر، وهو أن يعرف بذلك نعمة السكون بالليل وابتغاء الفضل بالنهار، ويشكر موليهما.

الراغب: "التسخير: سياقة الشيء إلى الغرض المختص به قهراً، فالمسخر هو المقيض للفعل، والسخري: هو الذي يقهر أن يتسخر لنا، وسخرت منه: إذا سخرته للهزء منه، قال تعالى: (إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ) [هود: 38]، وقوله تعالى: (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً) [المؤمنون: 110] قد حمل على التسخير وعلى السخرية".

قوله: (وقرئ: "من كل" بالتنوين"، قال ابن جني: "وهي قراءة ابن عباس والحسن وغيرهما، تقديره: وآتاكم ما سألتموه من كل شيء سألتموه أن يؤتيكم".

قوله: (وآتاكم من كل ذلك)، "ذلك" إشارة إلى ما سبق من الآيات، فإنهم وإن لم يعطوها عن سؤالهم، ولكن لما يستغنوا في معايشهم وأحوالهم عنها، فكأنهم سألوها بلسان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015