والذي لا يبقى إما يضمحل عن قريب لبطلانه، من قولهم: الباطل لجلج. وعن قتادة أنه قيل لبعض العلماء: ما تقول في "كلمة خبيثة"؟ فقال: ما أعلم لها في الأرض مستقراً، ولا في السماء مصعداً، إلا أن تلزم عنق صاحبها حتى يوافى بها القيامة.

[(يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ)].

(بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) الذي ثبت بالحجة والبرهان في قلب صاحبه وتمكن فيه، فاعتقده واطمأنت إليه نفسه. وتثبيتهم به في الدنيا: أنهم إذا فتنوا في دينهم لم يزلوا، كما ثبت الذين فتنهم أصحاب الأخدود، والذين نشروا بالمناشير ومشطت لحومهم بأمشاط الحديد، وكما ثبت جرجيس وشمسون وغيرهما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (الباطل لجلج)، الجوهري: "اللجلجة والتلجلج: التردد في الكلام، ويقال: الحق أبلج والباطل لجلج؛ أي: يتردد من غير أن ينفذ"، واستشهد به لأن ما يتردد في نفسه ولا ينفذ في شيء لا يكون ثابتاً.

قوله: (إلا أن تلزم عنق صاحبها حتى يوافي بها القيامة)، يعني: الكلمة الخبيثة، وهو مقتبس من قوله تعالى: (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً) [الإسراء: 13]، قال: "المعنى: أن عمله لازم له لزوم القلادة أو الغل، لا يفك عنه".

قوله: (كما ثبت جرجيس)، وجدت في كتاب "المبتدأ" المنسوب إلى أبي عبد الله محمد بن عبد الله الكسائي أنه قال: إن جرجيس كان من الحواريين أصحاب عيسى عليه السلام، وعلمه الله الاسم الذي يحيا به الموتى، وكان بأرض الموصل جبار يعبد الصنم، فدعاه جرجيس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015