أو: لما قالوا (لو هدانا الله) طريق النجاة لأغنينا عنكم وأنجيناكم، أتبعوه الإقناط من النجاة فقالوا (ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ) أي: منجى ومهرب، جزعنا أم صبرنا.
ويجوز أن يكون من كلام الضعفاء والمستكبرين جميعاً، كأنه قيل: قالوا جميعاً (سواء علينا)، كقوله: (ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بالغيب) [يوسف: 52]. و"المحيص" يكون مصدراً كالمغيب والمشيب. ومكاناً كالمبيت والمصيف. ويقال: حاص عنه وجاض، بمعنى واحد.
[(وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حديث أبي بكر رضي الله عنه: "ما من طامة إلا وفوقها طامة"، أي: ما من عظيم إلا وفوقه ما هو أعظم منه".
قوله: (كقوله: (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ))، قال صاحب "التقريب": وفيه نظر؛ إذ الاحتمالان هناك على البدل، وها هنا على الجمع، إلا أن يريد بالتشبيه أنه من كلام الفريقين مع وروده ظاهراً عقيب قول المستكبرين، كما أن قوله: (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) [يوسف: 52] ورد عقيب قول المرأة، مع أنه قيل: إنه من كلام يوسف عليه السلام.
وقلت: وجه التشبيه هو أن هذا الكلام يحتمل أن يكون مقولاً للمستكبرين وحدهم، وأن يكون مقولاً للضعفاء والمستكبرين جميعاً، كما أن ذلك الكلام يحتمل أن يكون مقولاً