فخصص بالذكر مع قوله (وَيَاتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ).

فإن قلت: ما وجه قوله تعالى (مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ)؟ قلت: (صديد) عطف بيان لـ (ماء)، قال: (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ) فأبهمه إبهاماً ثم بينه بقوله (صَدِيدٍ)، وهو ما يسيل من جلود أهل النار.

(يَتَجَرَّعُهُ) يتكلف جرعه (وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ) دخل "كاد" للمبالغة. يعني: ولا يقارب أن يسيغه، فكيف تكون الإساغة، كقوله (لَمْ يَكَدْ يَراها) [النور: 40]، أي: لم يقرب من رؤيتها فكيف يراها؟ (وَيَاتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ) كأنّ أسباب الموت وأصنافه كلها قد تألبت عليه وأحاطت به من جميع الجهات، تفظيعا لما يصيبه من الآلام.

وقيل: (مِنْ كُلِّ مَكانٍ) من جسده حتى من إبهام رجله. وقيل: من أصل كل شعرة .........

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والعاطف إذا جيء بغير معطوف عليه دل على فخامة الأمر، ومن ثم قدر: "يلقى ما يلقى"، أي: لا يدخل تحت الوصف، والجملة استئنافية.

قوله: (فخصص بالذكر مع قوله: (وَيَاتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ))، وإنما جمعهما ليؤذن بالجمع بين الذوقين؛ ذوق مرارة الصديد، وذوق مرارة الغصص وما الموت دونه؛ تفظيعاً للأمر. فظهر من هذا أن قول المصنف: "تفظيعاً لما يصيبه من الآلام" على لمقدر، أي: إنما خصه بالذكر وجمعه مع قوله: (وَيَاتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ) تفظيعاً لما يصيبه.

قوله: (قد تألبت)، الجوهري: "تألبوا: اجتمعوا، وهم ألب: إذا كانوا مجتمعين".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015