ومنه قيل: قوم نجيّ، كما قيل: (وَإِذْ هُمْ نَجْوى) [الإسراء: 47]؛ تنزيلاً للمصدر منزلة الأوصاف. ويجوز أن يقال: هم نجي، كما قيل: هم صديق، لأنه بزنة المصادر وجمع أنجية. قال:
إنِّى إذَا مَا الْقَوْمُ كَانُوا أَنْجِيَهْ
ومعنى (خَلَصُوا): اعتزلوا وانفردوا عن النسا خالصين لا يخالطهم سواهم (نَجِيًّا) ذوى نجوى، أو فوجا نجياً، أي: مناجياً لمناجاة بعضهم بعضاً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ومنه قيل)، أي: ومن استعمال "النجي" بمعنى: التناجي، قيل: قوم نجي.
قوله: (هم نجي)، أي: ويجوز أن يستعمل "نجي" مكان الجمع، فقوله: "ويجوز أن يقال" على تقدير سؤال يرد على الوجه الأول، معنى: سلمنا أن (نَجِيّاً) بمعنى: المناجي، فكيف يحمل على الجماعة، وهو مفرد؟ فقال: جاز كما جاز أن يقال: هم صديق، لأن المصدر جنس يحمل على القليل والكثير، وهو وإن أريد به الوصف، لكنه لما كان على زنة المصادر عومل معاملة المصدر، ومنه قوله تعالى: (خَلَصُوا نَجِيّاً).
قوله: (إني إذا ما القوم كانوا أنجية)، بعده:
...... ... واضطرب القوم اضطراب الأرشية
هناك أوصني ولا توص بيه
"كانوا أنجية": أي: صاروا فرقاً لما حزبهم من الشر؛ يتناجون ويتشاورون، وفارقهم القرار من شدة الخوف، يقومون ويقعدون اضطراب الأرشية عند الاستقاء، "هناك": أي: في ذلك الوقت يوجد الغنى والكفاية عندي.