[(فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَاذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ)].
(اسْتَيْأَسُوا) يئسوا. وزيادة السين والتاء في المبالغة نحو ما مرّ في "استعصم" [يوسف: 32]. و «النجي» على معنيين: يكون بمعنى: المناجى، كالعشير والسمير؛ بمعنى: المعاشر والمسامر، ومنه قوله تعالى (الأيمن وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) [مريم: 52]، وبمعنى المصدر الذي هو التناجي، كما قيل "النجوى" بمعناه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السائل وجزاء على فعل المستبيح".
قوله: ((اسْتَيْئَسُوا) يئسوا)، الراغب: "اليأس: انتفاء الطمع، يقالك يئس واستيأس، مثل: عجب واستعجب، وسخر واستخسر، قال تعالى: (فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيّاً)، وقال تعالى: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ) [يوسف: 110]، وقال تعالى: (قَدْ يَئِسُوا مِنْ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ) [الممتحنة: 13]، وقوله: (أَفَلَمْ يَيْئَسْ الَّذِينَ آمَنُوا) [الرعد: 31]: قيل: معناه: أفلم يعلم، ولم يرد أن اليأس موضوع في كلامهم للعلم، وإنما قصد أن يأس الذين آمنوا من ذلك يقتضي أن يحصل بعد العلم بانتفائه، فإذن ثبوت يأسهم يقتضي حصول علمهم".
قوله: (نحو ما مر في "استعصم")، والذي مر هو قوله: "الاستعصام بناء مبالغة يدل على الامتناع البليغ"، كأنه في عصمته، وهو يجتهد في الاستزادة منها، لأن السين للطلب، ولابد من رعاية معناها.
قوله: (وبمعنى المصدر الذي هو التناجي)، كما تقول: قوم رضا، وإنما الرضا فعلهم، يجعل المصدر منزلة الوصف.