(وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ) يعني إن أراد الله بكم سوءاً لم ينفعكم، ولم يدفع عنكم ما أشرت به عليكم من التفرق، وهو مصيبكم لا محالة إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ.
ثم قال (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ) أي: متفرقين (ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ) رأي يعقوب ودخولهم متفرّقين شيئاً قط،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"الجامع": "الهامة: واحدة الهوام، وهي الحيات وكل ذي سم يقتل، فأما ما لا يقتل ويسم فهو السوام، وواحدها: سامة، كالعقرب والزنبور، وقد تقع "الهوام" على كل ما يدب من الحيوان. واللامة: ذات اللمم، ولم يقل: ملمة، وإن كانت من: ألمت تلم؛ طلباً للازدواج بـ (هامة) "، ويجوز أن تكون على ظاهرها؛ بمعنى: جامعة للشر على المعيون؛ من: لمه يلمه؛ إذا جمعه.
قوله: (ثم قال: (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ))، عطف على مقدر، و"ثم" للتراخي في الأخبار. المعنى: أن الله تعالى حكى عن يعقوب عليه السلام أنه قال أولاً: (يَا بَنِي لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ) صيانة لهم عن عين الكمال، وقال لهم ثانياً: (وَمَا أُغْنِي عَنكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ) صيانة للكلام عن شوب الاعتزال، ثم حقق ذلك المعنى بقوله: (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ).
وقال أبو البقاء: "في جواب "لما" وجهان:
أحدهما: هو (آوَى)، وهو جواب "لما" الأولى والثانية، كقولك: "لما جئتك ولما كلمتك أجبتني"، وحسن ذلك أن دخولهم على يوسف يعقب دخولهم من الأبواب.