فكانوا مظنة لطموح الأبصار إليهم من بين الوفود، وأن يشار إليهم بالأصابع. ويقال هؤلاء أضياف الملك، انظروا إليهم ما أحسنهم من فتيان، وما أحقهم بالإكرام، لأمر مّا أكرمهم الملك وقرّبهم وفضلهم على الوافدين عليه، فخاف لذلك أن يدخلوا كوكبة واحدة، فيعانوا لجمالهم وجلالة أمرهم في الصدور، فيصيبهم ما يسوؤهم، ولذلك لم يوصهم بالتفرق في الكرّة الأولى، لأنهم كانوا مجهولين مغمورين بين الناس.

فإن قلت: هل للإصابة بالعين وجه تصحّ عليه؟ قلت: يجوز أن يحدث الله عز وجل عند النظر إلى الشيء والإعجاب به، نقصاناً فيه وخللا من بعض الوجوه، ويكون ذلك ابتلاء من الله وامتحاناً لعباده، ليتميز المحققون من أهل الحشو فيقول المحقق: هذا فعل الله، ويقول الحشوي: هو أثر العين، كما قال تعالى: (وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) الآية [المدثر: 31]. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه كان يعوّذ الحسن والحسين فيقول: أعيذ كما بكلمات الله التامّة، من كل عين لامّة، ومن كل شيطان وهامّة».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فيعانوا لجمالهم)، الجوهري: "عنت الرجل: أصبته بعيني، فأنا عائن، وهو معين؛ على النقص، ومعيون؛ على التمام، وقال الشاعر في التمام:

قد كان قومك يحسبونك سيداً ... وإخال أنك سيد معيون"

قوله: (كان يعوذ الحسن والحسين)، روينا عن البخاري والترمذي وأبي داود عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعوذ الحسن والحسين، ويقول: إن أباكما كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق، أعوذ بكلمات الله التامة؛ من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015