وهو يحمل رسالة من أبيكم حتى أصدقكم، فاقترعوا بينهم فأصابت القرعة شمعون، وكان أحسنهم رأياً في يوسف فخلفوه عنده، وكان قد أحسن إنزالهم وضيافتهم.
(وَلا تَقْرَبُونِ) فيه وجهان: أحدهما: أن يكون داخلاً في حكم الجزاء مجزوماً، عطفاً على محل قوله (فَلا كَيْلَ لَكُمْ) كأنه قيل: فإن لم تأتونى به تحرموا ولا تقربوا، وأن يكون بمعنى النهي.
[(قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا لَفاعِلُونَ)].
(سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ) سنخادعه عنه، وسنجتهد ونحتال حتى تنتزعه من يده (وَإِنَّا لَفاعِلُونَ) وإنا لقادرون على ذلك لا نتعايى به. أو وإنا لفاعلون ذلك لا محالة لا نفرط فيه ولا نتوانى.
[(وَقالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فأصابت القرعة شمعون، وكان أحسنهم رأياً)، قال بعضهم: فيه نظر، لأنه يخالف ما قال قبل هذا في تفسير قوله: (قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ) [يوسف: 10]: "هو يهوذا، وكان أحسنهم رأياً، وهو الذي قال: (فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ) [يوسف: 80] ".
قوله: (وأن يكون بمعنى النهي)، يعني: يكون داخلاً في حكم الجزاء معطوفاً عليه، لكن جزمه لأجل النهي.
قوله: (لا نتعايا به)، يقال: أعيا عليه الأمر وتعايا: إذا عجز عنه، وعلى هذا: قوله: (وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ) تذييل وتوكيد لفعل المراودة، وأنه يصدر منهم البتة، إطلاقاً لاسم المسبب على السبب، لأن الأفعال مصادرها القدرة، وعلى الثاني: توكيد للوعد، ومن ثم قال: "لا نفرط فيه".