(وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ) أي: أصلحهم بعدّتهم وهي عدّة السفر من الزاد وما يحتاج إليه المسافرون وأوقر ركائبهم بما جاءوا من الميرة.

وقرئ "بِجِهازِهِمْ" بكسر الجيم قالَ (ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ) لا بد من مقدمةٍ سبقت له معهم، حتى اجتر القول هذه المسألة.

روي أنه لما رآهم وكلموه بالعبرانية قال لهم: أخبروني من أنتم وما شأنكم فإني أنكركم؟ . قالوا: نحن قومٌ من أهل الشام رعاة، أصابنا الجهد فجئنا نمتار، فقال: لعلكم جئتم عيوناً تنظرون عورة بلادي؟ قالوا: معاذ الله، نحن إخوة بنو أبٍ واحد، وهو شيخ صدّيق نبي من الأنبياء، اسمه يعقوب. قال: كم أنتم؟ قالوا كنا اثنى عشر، فهلك منا واحد. قال: فكم أنتم هاهنا؟ قالوا: عشرة. قال: فأين الأخ الحادي عشر؟ قالوا: هو عند أبيه يتسلى به من الهالك. قال: فمن يشهد لكم أنكم لستم بعيون، وأنّ الذي تقولون حق؟ قالوا: إنا ببلاد لا يعرفنا فيها أحد فيشهد لنا. قال: فدعوا بعضكم عندي رهينة وائتوني بأخيكم من أبيكم،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: ((بِجَهَازِهِمْ) أي: أصلحهم بعدتهم)، الراغب: "الجهاز: ما يعد من متاع وغيره، والتجهيز: حمل ذلك وبعثه، وضرب البعير بجهازه: إذا ألقى متاعه في رحله فنفر".

قوله: (من الميرة)، قيل: هو بيان "ما"، بل هو صلة "أوقر"، لأنهم الممتارون، يدل عليه ما ذكر قبيل هذا: "فأرسل يعقوب بنيه ليمتاروا"، والباء في "بما جاؤوا له" بدلية، و"ما جاؤوا له" هو البضاعة التي في قوله: (وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ).

قوله: (عورة بلادي)، العورة: الخلل، أراد الخلل التي تكون في الثغور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015