وقرئ "النُّسْوَةِ" بضم النون.

ومن كرمه وحسن أدبه: أنه لم يذكر سيدته مع ما صنعت به وتسببت فيه من السجن والعذاب، واقتصر على ذكر المقطعات أيديهنّ.

(إِنَّ رَبِّي) إنّ الله تعالى (بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ) أراد أنه كيدٌ عظيمٌ لا يعلمه إلا الله لبعد غوره. أو استشهد بعلم الله على أنهنّ كدنه، وأنه بريء مما قرف به. أو أراد الوعيد لهنّ، أي: هو عليم بكيدهنّ فمجازيهنّ عليه.

(ما خَطْبُكُنَّ) ما شأنكنّ (إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ) هل وجدتنّ منه ميلا إليكنّ؟ (قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ) تعجباً من عفته وذهابه بنفسه عن شيء من الريبة ومن نزاهته عنها (قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ) أي: ثبت واستقرّ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أو استشهد بعلم الله على أنهن كدنه)، كأنه قال: "فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن، وأردن كيدي، والله شاهدي على ذلك"، وشهادة الله تلك الأمارات الدالة على براءته، والوجه الثالث بعيد وبعيد من كرم يوسف عليه السلام، والوجه هو الأول، ولهذا أتى بالموصولة، وأوقع صلتها قطع الأيدي؛ ليصور تلك الحالات واللاتي جلسن متكئات دهشات، وأردن الكيد بهن، ويستحضر صورتها في ذهن السامع، ويتعجب منها، فيكون وسيلة إلى الاستعلام.

قوله: (هل وجدتن منه ميلاً إليكن)، فإن قلت: كيف دل قوله: (مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ) على هذا؟ قلت: من حيث إنه مطلق، ومقام الباعث للسؤال من قوله: (فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ) يستدعيه، ألا ترى كيف كان الجواب قولهم: (حَاشَ لِلهِ)؟

قوله: ((حَصْحَصَ الْحَقُّ) أي: ثبت واستقر)، الراغب: "حصحص الحق: وضح، وذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015