وأصل "الأضغاث": ما جمع من أخلاط النبات وحزم، الواحد: ضغث، فاستعيرت لذلك، والإضافة بمعنى «من» أي: أضغاث من أحلام. والمعنى: هي أضغاث أحلام.

فإن قلت: ما هو إلا حلم واحد، فلم قالوا: (أضغاث أحلام) فجمعوا؟ قلت: هو كما تقول: فلان يركب الخيل ويلبس عمائم الخز، لمن لا يركب إلا فرساً واحداً وما له إلا عمامة فردة، تزيداً في الوصف، فهؤلاء أيضاً تزيدوا في وصف الحلم بالبطلان، فجعلوه أضغاث أحلام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فاستعيرت لذلك)، أي: استعيرت "الأضغاث" للتخاليط والأباطيل، شبهت تخاليط الأحلام وأباطيلها بما جمع من أخلاط النبات وحزم، والجامع الاختلاط من غير تمييز بين جيد ورديء، ثم استعمل "أضغاث" في موضع "الأباطيل"، وجعلت القرينة الإضافة.

قوله: (أي: أضغاث من أحلام)، الراغب: "الحلم: ضبط النفس عن هيجان الغضب، وجمعه أحلام، قال تعالى: (أَمْ تَامُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا) [الطور: 32]، قيل: عقولهم، وليس الحلم في الحقيقة: العقل، لكنه من مسبباته، وقد حلم وحلمه العقل وتحلم، وقال تعالى: (وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ) [النور: 59]، أي: زمان الحلم، وقال تعالى: (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) [الصافات: 101]، أي: وجد فيه قوة الحلم، وسمي الحلم لكون صاحبه جديراً بالحلم، يقال: حلم حلماً وحُلماً، وتحلَّم واحتلم، وحلمت به في نومي، أي: رأيته في المنام".

قوله: (فلان يركب الخيل، ويلبس عمائم الخز)، قال صاحب "الفرائد": ولما كانت (أَضْغَاثُ أَحْلامٍ) مستعارة لما ذكر، وهي تخاليطها وأباطيلها، وهي متحققة في رؤيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015