وأن يضمن (تَعْبُرُونَ) معنى فعلٍ يتعدى باللام، كأنه قيل: إن كنتم تنتدبون لعبارة الرؤيا. وحقيقة «عبرت الرؤيا» ذكرت عاقبتها وآخر أمرها، كما تقول: عبرت النهر، إذا قطعته حتى تبلغ آخر عرضه وهو عبره. ونحوه: أولت الرؤيا إذا ذكرت مآلها وهو مرجعها. و"عبرت الرؤيا" بالتخفيف، هو الذي اعتمده الأثبات، ورأيتهم ينكرون «عبرت» بالتشديد والتعبير والمعبر. وقد عثرت على بيت أنشده المبرد في كتاب الكامل لبعض الأعراب:
رَأَيْتُ رُؤْيَا ثُمَّ عَبَّرْتُهَا ... وَكُنْتُ لِلْأحْلَامِ عَبَّارَا
[(قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَاوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ)].
(أَضْغاثُ أَحْلامٍ) تخاليطها وأباطيلها، وما يكون منها من حديث نفسٍ أو وسوسة شيطان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (تنتدبون)، يقال: ندبته فانتدب؛ أي: دعوته فأجاب، ويعدى باللام.
قوله: (وهو عبره)، الجوهري: "وعبر النهر: شطه وجانبه". قال القاضي: "عبارة الرؤيا: الانتقال من الصور الخيالية إلى المعاني النفسانية التي هي مثالها؛ من العبور، وهو المجاوزة".
قوله: (الذي اعتمده الأثبات)، الأثبات: جمع ثبت، يقال: فلان ثبت؛ أي: ثابت القلب، ولا أحكم بكذا إلا بثبت؛ أي: بحجة.