وفي قراءة ابن مسعود: "أعصر عنباً" (مِنَ الْمُحْسِنِينَ) من الذين يحسنون عبارة الرؤيا، أي: يجيدونها، رأياه يقصّ عليه بعض أهل السجن رؤياه فيؤوّلها له، فقالا له ذلك. أو: من العلماء، لأنهما سمعاه يذكر للناس ما علما به أنه عالم. أو من المحسنين إلى أهل السجن. فأحسن إلينا بأن تفرّج عنا الغمة بتأويل ما رأينا إن كانت لك يد في تأويل الرؤيا. روي أنه كان إذا مرض رجل منهم قام عليه، وإذا أضاق وسع له، وإذا احتاج جمع له
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من الذين يحسنون عبارة الرؤيا)، قال الزجاج: "فيه أن أمر الرؤيا صحيح، وأن منها ما يصح، ومن دفعه فليس بمسلم، لأنه يدفع القرآن والسنة، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن "الرؤيا جزء من أربعين جزءاً من النبوة"، وتأويله: أن الأنبياء يخبرون بما سيكون، والرؤيا تدل على ما سيكون".
قوله: (إن كانت لك يد في تأويل الرؤيا)، وإنما قيد في هذا الوجه بالشرط، لأنهما حينئذ ما رأياه يقص عليه أحد رؤياه، وهو يؤولها، ولا سمعاه يذكر للناس ما علما به أنه عالم، بل أطلقا قولهما: (مِنَ الْمُحْسِنِينَ) فراسة، فناسب لذلك التعليق.
قوله: (وإذا أضاق أوسع له)، الأساس: "ومن المجاز: وأصابته ضيقة: فقر، وقد أضاق إضاقة، ورجل مضيق".