كأنه في عصمةٍ وهو يجتهد في الاستزادة منها. ونحوه: استمسك، واستوسع الفتق، واستجمع الرأي، واستفحل الخطب. وهذا بيانٌ لما كان من يوسف عليه السلام لا مزيد عليه، وبرهان لا شيء أنور منه، على أنه بريءٌ مما أضاف إليه أهل الحشو مما فسروا به الهمّ والبرهان.

فإن قلت: الضمير في (آمُرُهُ) راجع إلى الموصول أم إلى يوسف؟ قلت: بل إلى الموصول. والمعنى: ما آمر به، فحذف الجار كما في قولك: أمرتك الخير، ويجوز أن تجعل «ما» مصدرية، فيرجع إلى يوسف. ومعناه: ولئن لم يفعل أمرى إياه، أي: موجب أمري ومقتضاه.

قرئ (وَلَيَكُوناً) بالتشديد والتخفيف. والتخفيف أولى، لأنّ النون كتبت في المصحف ألفاً على حكم الوقف، وذلك لا يكون إلا في الخفيفة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (بل إلى الموصول)، أي: لا يرجع إلى يوسف، بل إلى الموصول، لأنه لو عاد إلى يوسف بقي الموصول بلا عائد، أو يلزم حذف الجار مع المجرور. وقال نور الدين الحكيم: بل الأولى أن يكون راجعاً إلى يوسف، والراجع إلى الموصول حذف بعدما نصب بنزع خافضه، كما قرر في قوله تعالى: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ) [الحجر: 94]، حذف هناك كما استكن ها هنا.

قوله: ((وَلِيَكُونَا) بالتشديد والتخفيف)، التخفيف هو المشهور، والتشديد شاذ، قال الزجاج: "القراءة الجيدة التخفيف، والوقف عليها بالألف، لأن النون الخفيفة تبدل منها في الوقف الألف، تقول: اضربن زيداً، فإذا وقفت قلت: اضربا، وقرئت بالتشديد وأكرهها لخلاف المصحف، لأن النون الشديدة لا يبدل منها شيء".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015