ومن قرأ على سليقته من بني تميم، قرأ «بشر» بالرفع. وهي في قراءة ابن مسعود. وقرئ: "ما هذا بِشرًى"، أي: ما هو بعبدٍ مملوكٍ لئيم (إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) تقول هذا بشرًى، أي: حاصل بشرى، بمعنى: هذا مشترى. وتقول: هذا لك بشرى أم بِكرى؟ والقراءة هي الأولى، لموافقتها المصحف، ومطابقة "بشرٍ" لـ"ملك".
(قالَتْ فَذلِكُنَّ) ولم تقل فهذا وهو حاضر، رفعاً لمنزلته في الحُسن، واستحقاق أن يحب ويفتتن به، وربأً بحاله واستبعاداً لمحله. ويجوز أن يكون إشارةً إلى المعنىّ بقولهنّ: عشقت عبدها الكنعاني. تقول: هو ذلك العبد الكنعاني الذي صوّرتن في أنفسكنّ، ثم لمتنني فيه. تعني: أنكن لم تصوّرنه بحق صورته، ولو صوّرتنه بما عاينتن لعذرتننى في الافتنان به.
الاستعصام: بناء مبالغة يدل على الامتناع البليغ والتحفظ الشديد،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيه المعنى الذي خلق لأجله".
قوله: (سليقته)، الجوهري: "السليقة: الطبيعة، يقال: فلان يتكلم بالسليقة؛ أي: بالطبع لا عن تعلم".
قوله: (ما هذا بشرى)، قال ابن جني: "هي قراءة الحسن وأبي الحويرث"، وقال الزجاج: "هذه القراءة ليست بشيء، لأن مثل "بشرى" يكتب في المصحف بالياء، وقولهن: (إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) مطابق في اللفظ لـ (بَشَراً) ".
قوله: (وربأ بحاله)، الجوهري: "يقال: إني لأربأ بك عن هذا الأمر؛ أيك أرفعك عنه".