وقرئ: "من قُبُلُ" و"من دُبُرُ"، بالضم على مذهب الغايات. والمعنى: من قبل القميص ومن دبره. وأما التنكير فمعناه من جهة يقال لها قُبُلٌ، ومن جهة يقال لها دبر. وعن ابن أبي إسحاق أنه قرأ: "من قُبُل" و"من دبر" بالفتح، كأنه جعلهما علمين للجهتين فمنعهما الصرف للعلمية والتأنيث. وقرئا بسكون العين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تشعر، فأغضبه الله ليوسف بالشهادة له، وكان من حقه أن يصدق يوسف ويكذبها، لكن أراد أن لا يكون الفاضح لها، فتعلق بانقطاع القميص وأمارته على الصدق والكذب إبعاداً للتهمة، ولذلك قدم أمارة صدقها على أمارة صدقه، وكذا فعل مؤمن آل فرعون في قوله: (وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) [غافر: 28]، وكذا فعل يوسف في كونه بدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه، والشاهد قصد الأمارة الأخيرة، وجعل الأولى توطئة لها. وأما إن كان الشاهد الحكيم فلابد من المناسبة، وأقربها أن قده من دبر دليل على إدباره عنها، وقده من قبل دليل على إقباله إليها بوجهه".

قوله: (وقرئ: "من قُبُل" و"من دبر")، قال ابن جني: "هي قراءة ابن يعمر والجارود، وهي كقوله تعالى: (لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) [الروم: 4]، يريد: من دبره ومن قبله، فلما حذف المضاف إليه صار المضاف غاية نفسه بعدما كان المضاف إليه غاية له، فبني على الضم"، لأن المعنى أن يعلم أنه كان قميصه، يعني: أن الشرط وإن كان ماضياً، لكن في تأويل المضارع، لأن المراد إرشاد العزيز إلى إظهار الحق، وهو مثل قولك: إن أحسنت إلي فقد أحسنت إليك؛ في الإخبار والإعلام، وهذا تقوله لمن يمن عليك بإحسانه.

قال ابن الحاجب: "وإنما صح ذلك لأن جواب الشرط لا يكون إلا جملة، وقد يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015