ويجوز أن يريد بـ (السوء): مقدّمات الفاحشة، من القبلة والنظر بشهوة، ونحو ذلك.
وقوله (مِنْ عِبادِنَا) معناه بعض عبادنا، أى: هو مخلص من جملة المخلصين. أو هو ناشئ منهم، لأنه من ذرية إبراهيم الذين قال فيهم (إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ) [ص: 46].
[(وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ* قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ* وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ* فَلَمَّا رَأي: قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ* يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ)].
(وَاسْتَبَقَا الْبابَ) وتسابقا إلى الباب على حذف الجارّ وإيصال الفعل، كقوله (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) [الأعراف: 155]، على تضمين (واستبقا) معنى «ابتدرا» نفر منها يوسف، فأسرع يريد الباب ليخرج وأسرعت وراءه لتمنعه الخروج.
فإن قلت: كيف وحد الباب، وقد جمعه في قوله (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ) [يوسف: 23]؟ قلت: أراد الباب البراني الذي هو المخرج من الدار والمخلص من العار، فقد روى كعب أنه لما هرب يوسف جعل فراش القفل يتناثر ويسقط حتى خرج من الأبواب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الباب البراني)، الأساس: "جلست براً، وخرجت براً: إذا جلس إلى ظاهر الدار، وخرج إلى ظاهر البلد. ومن أصلح جوانيه أصلح الله برانيه، وافتح الباب البراني، ويقال: أريد جواً ويريد براً، أي: أريد خفية وهو يريد علانية".