ولكنّ الله سبحانه وتعالى قد جاء بالهمين على سبيل التفصيل حيث قال (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها) فكان إغفاله إلغاء له، فوجب أن يكون التقدير. ولقد همت بمخالطته وهم بمخالطتها، على أنّ المراد بالمخالطتين توصلها إلى ما هو حظها من قضاء شهوتها منه، وتوصله إلى ما هو حظه من قضاء شهوته منها، (لولا أن رأى برهان ربه) فترك التوصل إلى حظه من الشهوة، فلذلك كانت «لولا» حقيقة بأن تعلق بـ"همّ بها" وحده.
وقد فسر "همّ يوسف" بأنه حل الهميان وجلس منها مجلس المجامع، وبأنه حل تكة سراويله وقعد بين شعبها الأربع وهي مستلقية على قفاها، وفسر "البرهان" بأنه سمع صوتاً: إياك وإياها، فلم يكترث له، فسمعه ثانياً فلم يعمل به، فسمع ثالثاً: أعرض عنها، فلم ينجع فيه حتى مثل له يعقوب عاضاً على أنملته. وقيل: ضرب بيده في صدره فخرجت شهوته من أنامله. وقيل: كل ولد يعقوب له اثنا عشر ولداً إلا يوسف، فإنه ولد له أحد عشر ولداً من أجل ما نقص من شهوته حين همّ، وقيل: صيح به: يا يوسف، لا تكن كالطائر: كان له ريش، فلما زنى قعد لا ريش له. وقيل: بدت كف فيما بينهما ليس لها عضد ولا معصم، مكتوب فيها (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ* كِراماً كاتِبِينَ) [الانفطار: 10 - 11]، فلم ينصرف، ثم رأي: فيها (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا) [الإسراء: 32] فلم ينته، ثم رأي: فيها (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ) [البقرة: 281]، فلم ينجع فيه، فقال الله لجبريل عليه السلام: أدرك عبدي قبل أن يصيب الخطيئة، فانحط جبريل وهو يقول: يا يوسف، أتعمل عمل السفهاء وأنت مكتوب في ديوان الأنبياء؟ وقيل: رأى تمثال العزيز. وقيل: قامت المرأة إلى صنم كان هناك فسترته ........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (حل الهميان)، الجوهري: "هميان الدراهم- بكسر الهاء-: معروف"، وفي النهاية: "الهميان: تكة السراويل".