. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال الإمام: "أما تفسير "الهم" فقد جاء على معان:
أحدها: العزم على الفعل، قال تعالى: (إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا) [المائدة: 11]، أي: عزموا على ذلك.
وثانيها: خطور الشيء بالبال، قال تعالى: (إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا) [آل عمران: 122]، أي: خطر ببالهم دون أن يعزموا، بدليل قوله تعالى: (وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا)، لأن الله تعالى لا يكون ولي من عزم على المعصية.
وثالثها: الشهوة وميل الطبع، يقول القائل فيما لا يشتهيه: لا يهمني هذا، وفيما يشتهيه: هذا أهم الأشياء إلي.
والمراد بـ "الهم" في الآية: خطور الشيء بالبال، أو ميل الطبع بالشهوة، وذلك أن المرأة الفائقة في الحسن والجمال إذا تهيأت للشاب القوي لابد أن يقع هناك بين الشهوة والحكمة وبين النفس والعقل مجاذبات ومنازعات، فتارة تقوى داعية الشهوة والطبيعية، وتارة تقوى داعية العقل والحكمة، فالهم عبارة عن جواذب الطبيعة، ورؤية البرهان عبارة عن جواذب النبوة والحكمة. مثاله: أن الرجل الصالح الصائم في الصيف الصائف إذا رأى الماء المبرد فطبيعته تحمله على شربه، إلا أن هداه ودينه يمنعه منه، وهذا لا يدل على حصول الذنب، بل كلما كانت هذه الحالة أشد كانت القوة [في القيام] بلوازم العبودية أكمل.
ولو أريد به العزم كان أيضاً دليلاً على عصمته، لأنه تعالى لما أظهر ما يصرفه عن العزم وجب أن لا يكون منه عزم، فلما لم يكن منه عزم لم يكن منه فعل، لأن الفعل تابع للعزم".