ومنه قوله تعالى: (لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ) أي: لا يكسبنكم شقاقي إصابة العذاب. وقرأ ابن كثير بضم الياء، من أجرمته ذنباً، إذا جعلته جارماً له، أي: كاسباً، وهو منقول من "جرم" المتعدي إلى مفعول واحد، كما نقل: أكسبه المال، من كسب المال. وكما لا فرق بين "كسبته مالاً" و"أكسبته إياه"، فكذلك لا فرق بين "جرمته ذنباً" و"أجرمته إياه". والقراءتان مستويتان في المعنى لا تفاوت بينهما، إلا أن المشهورة أفصح لفظاً، كما إن كسبته مالا أفصح من "أكسبته"، والمراد بالفصاحة: أنه على ألسنة الفصحاء من العرب الموثوق بعربيتهم أدور، وهم له أكثر استعمالاً.
وقرأ أبو حيوة، ورويت عن نافع: "مِثْلُ ما أَصابَ"، بالفتح لإضافته إلى غير متمكن، كقوله:
لَمْ يَمْنَعِ الشُّرْبَ مِنْهَا غَيْرَ أَنْ نَطَقَتْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمعنى ظاهر.
قوله: (أي: لا يكسبنكم شقاقي إصابة العذاب): قال الزجاج: "لا يكسبنكم عداوتكم إياي أن يصيبكم عذاب الآجلة".
قوله: (لإضافته إلى غير متمكن): لأن "مثل" و"غير" مع "ما" و"أن"- مخففة ومشددة-: يجوز بناؤهما على الفتح وإعرابهما.
قوله: (لم يمنع الشرب منها غير أن نطقت): تمامه:
حمامة في غصون ذات أو قال