وطلب منه التأييد والإظهار على عدوّه، وفي ضمنه تهديد للكفار وحسم لأطماعهم فيه.
[(وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ* وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ)].
«جرم»: مثل كسب؛ في تعديه إلى مفعول واحد، وإلى مفعولين تقول: جرم ذنباً وكسبه، وجرمته ذنباً وكسبته إياه، قال:
جَرِمَتْ فَزَارَةُ بَعْدَهَا أَنْ يَغْضَبُوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وفي ضمنه تهديد للكفار): يعني: أدمج في قوله: (وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ) معنى التهديد، فإن ظاهره مسوق بأنه استوفق ربه في إمضاء الأمر على سننه، وطلب منه التأييد والإظهار، وفي ضمنه إشارة إلى تهديد الكفار، وهذا المعنى إنما يستقيم ظاهراً إذا حمل قوله: (إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) على أنك المتواصف بالحلم والرشد، يعني: كنت فينا مرجواً قبل هذا، فانته عما أنت عليه الآن، وصدق رجاءنا فيك، فأجابهم بما كان فيه حسم لأطماعهم، وموجب لوحشتهم وعداوتهم، وذيله بقوله: (وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ)، يعني: اقطعوا الطمع عني، فإني لا أرجع عن النصيحة وما يوجب الإصلاح، فافعلوا ما قدرتم أن تفعلوه، فإن لي من أستوفقه وأتوكل عليه، فهو كافكم عني ومهلككم بسبب إيذائكم إياي، كما قال نوح: (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ) [يونس: 71].
قوله: (جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا): أوله:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة