(إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ) ما أريد إلا أن أصلحكم بموعظتى ونصيحتي وأمري بالمعروف ونهي عن المنكر (مَا اسْتَطَعْتُ) ظرف، أي: مدّة استطاعتي للإصلاح، وما دمت متمكناً منه لا آلو فيه جهداً. أو: بدل من (الإصلاح)، أي: المقدار الذي استطعته منه. ويجوز أن يكون على تقدير حذف المضاف على قولك: إلا الإصلاح إصلاح ما استطعت، أو مفعول له كقوله:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أو مفعول له): أي: مفعول به للإصلاح، ففيه إيهام، فالحاصل: أن (مَا اسْتَطَعْتُ): إما ظرف زمان؛ أي: مدة استطاعتي، أو بدل من الإصلاح؛ أي: المقدار الذي استطعته منه، أو على حذف المضاف؛ أي: إلا الإصلاح إصلاح ما استطعت، أو مفعولاً به، فعلى هذا قوله: "ويجوز أن يكون" عطف من حيث المعنى على قوله: "المقدار"، وكلاهما مبنيان على البدلية؛ إما بدل البعض من الكل، وإما بدل الاشتمال.

الانتصاف: "الظاهر أنها ظرف في قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، كذا ها هنا، وجعله معمولاً للمصدر المعرف باللام بعيد عن فصاحة القرآن، وقالوا: لم يوجد منه في التنزيل إلا عمله في المجرور في قوله تعالى: (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ) [النساء: 148] ".

قال القاضي: " (إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) إشارة إلى ما آتاه الله من العلم والنبوة، (وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً) إشارة إلى ما آتاه الله من المال الحلال، وجواب الشرط محذوف، أي: فهل يسع لي مع هذا الإنعام الجامع للسعادات الروحانية والجسمانية أن أخون في وحيه، (وَرَزَقَنِي مِنْهُ) أي: من عنده وبإعانته بلا كد مني.

وقوله: (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ) أي: ما أريد أن آتي ما أنهاكم عنه لأستبد به، فلو كان صواباً لآثرته، ولم أعرض عنه، فضلاً أن أنهاكم عنه، وقوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015