وأن يقال: إنّ الصلاة تأمر بالجميل والمعروف، كما يقال: تدعو إليه وتبعث عليه - إلا أنهم ساقوا الكلام مساق الطنز وجعلوا الصلاة آمرة على سبيل التهكم بصلاته، وأرادوا أنّ هذا الذي تأمر به من ترك عبادة الأوثان باطل لا وجه لصحته، وأنّ مثله لا يدعوك إليه داعي عقل، ولا يأمرك به آمر فطنة، فلم يبق إلا أن يأمرك به آمر هذيان ووسوسة شيطان، وهو صلواتك التي تداوم عليها في ليلك ونهارك، وعندهم أنها من باب الجنون ومما يتولع به المجانين والموسوسون من بعض الأقوال والأفعال.

ومعنى (تأمرك أَنْ نَتْرُكَ): (تأمرك) بتكليف (أن نترك ما يَعْبُدُ آباؤُنا) لحذف المضاف الذي هو التكليف، لأنّ الإنسان لا يؤمر بفعل غيره.

وقرئ: (أَصَلاتُكَ) بالتوحيد، وقرأ ابن أبي عبلة: "أو أن تفعل في أموالنا ما تشاء"، بتاء الخطاب فيهما، وهو ما كان يأمرهم به من ترك التطفيف والبخس، والاقتناع بالحلال القليل من الحرام الكثير. وقيل: كان ينهاهم .....

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (يتولع به): هو يتفعل؛ من الولوع، الجوهري: "الولوع: الاسم من ولعت به تولع ولعاً وولوعاً، المصدر والاسم جميعاً بالفتح، وهو مولع به- بفتح اللام- أي: مغرى به".

قوله: (لأن الإنسان لا يؤمر بفعل غيره): تعليل لتقدير المضاف، أي: لابد من هذا التقدير، لأن الترك فعل الكفار، والمأمور بقوله: (أصلواتك تأمرك): شعيب، أي: أصلواتك تأمرك بتكليفك إيانا أن نترك.

قوله: (بتاء الخطاب فيهما): أي: في "تفعل" وفي "تشاء"، الانتصاف: "على هذا: "أن تفعل" معطوف على (أَن نَتْرُكَ)، وعلى المشهورة يمتنع؛ لفساد المعنى، بل هو عطف على (مَا يَعْبُدُ)، فكأنه قيل: أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نترك فعلنا في أموالنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015