كقول مؤمن آل فرعون (يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَاسِ اللَّهِ إِنْ جاءَنا) [غافر: 29].
(يَوْمٍ مُحِيطٍ) مهلك من قوله (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) [الكهف: 42]، وأصله من إحاطة العدوّ.
فإن قلت: وصف العذاب بالإحاطة أبلغ، أم وصف اليوم بها؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كقول مؤمن آل فرعون): يعني: وزان هذه الآية وزان تلك الآية، فإن قوله: (لَكُمْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ) [غافر: 29] كقوله: (إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ)، وقوله: (فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَاسِ اللَّهِ) [غافر: 29] كقوله: (وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ).
قوله: (وأصله من إحاطة العدو): أي: الإغارة في الصبح بغتة، كقوله تعالى: (فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً) [العاديات: 3].
الراغب: "الإحاطة على وجهين: أحدهما: في الأجسام، نحو: أحطت بمكان كذا، والثاني: في المعاني؛ إما في العلم، نحو قوله تعالى: (أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) [الطلاق: 12]، فالإحاطة بالشيء علماً: هو أن يعلم وجوده وجنسه وقدره وكيفيته، وغرضه المقصود به وبإيجاده، وما يكون به ومنه، وذلك ليس إلا لله تعالى، وقال صاحب موسى عليهما السلام: (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) [الكهف: 68]؛ تنبيهاً أن الصبر التام إنما يقع بعد إحاطة العلم بالشيء، وذلك صعب إلا بفيض إلهي، وإما في القدرة، قال الله تعالى: (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ) [يونس: 22]، وكذلك قوله: (وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) ".
قوله: (وصف العذاب بالإحاطة أبلغ أم وصف اليوم بها): قال أبو البقاء: " (مُّحِيطٍ) نعت "لليوم" في اللفظ، و"للعذاب" في المعنى، وذهب قوم إلى أن التقدير: عذاب يوم محيط