وقيل الضمير للقرى، أي: هي قريبة من ظالمي مكة يمرون بها في مسايرهم (بِبَعِيدٍ) بشيء بعيد. ويجوز أن يراد: وما هي بمكان بعيد، لأنها وإن كانت في السماء وهي مكان بعيد، إلا أنها إذا هوت منها فهي أسرع شيء لحوقاً بالمرمي، فكأنها بمكان قريب منه.

[(وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ* وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ* بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ)].

(إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ) يريد: بثروة واسعة تغنيكم عن التطفيف. أو أراكم بنعمة من الله حقها أن تقابل بغير ما تفعلون. أو أراكم بخير فلا تزيلوه عنكم بما أنتم عليه، ......

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.

قوله: (وقيل: الضمير للقرى): وكذلك في (عَالِيَهَا سَافِلَهَا)، قال أبو البقاء: "و"بعيد" نعت لمكان محذوف، أو خبر (هِيَ)، ولم يؤنثه لأن العقوبة والعقاب بمعنى".

قوله: (أو أراكم بخير فلا تزيلوه): قسيم لقوله: "أو أراكم بنعمة من الله"، وهو قسيم لقوله: " (إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ) يريد: بثروة"، لأن "الخير" في الوجه الأول: مفسر بالثروة والمال، وفي الوجه الثاني: بالنعمة المطلقة، ثم النعمة: إما أن توجب الأمر بالشكر، وهو المراد من قوله: "حقها أن تقابل بغير ما تفعلون"، أو النهي عن الكفران، وه المراد من قوله: "فلا تزيلوه عنكم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015