وفيه جهالتان: إحداهما: أنّ الإيمان يصح بالقلب، كإيمان الأخرس، فحال البحر لا يمنعه. والأخرى: أنّ من كره إيمان الكافر وأحب بقاءه على الكفر: فهو كافر؛ لأن الرضا بالكفر كفر. (مِنَ الْمُفْسِدِينَ): من الضالين المضلين عن الإيمان،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما قوله: "الرضا بالكفر كفر" فجوابه ما قال أبو منصور الماتريدي في "التأويلات": "الرضا بالكفر ليس بكفر مطلقاً، إنما يكون كذلك إذا رضي بكفر نفسه، لا بكفر غيره".
وقلت: يؤيده ما روينا عن أبي داود النسائيعن سعد بن أبي وقاص قال: "لما كان يوم فتح مكة، أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر - فسماهم- وابن أبي سرح"، وذكر الحديث: وأما ابن أبي سرح، فإنه اختبأ عند عثمان رضي اللهعنه، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيعة جاء به، حتى وقفه على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله، بايع عبد الله، فرفع رأسه، فنظر إليه ثلاثاً، كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه، فقال: "أما فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله"، فقالوا: ما ندري يا رسول الله ما في نفسكن ألا أومأت إلينا بعينك، قال: "إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين".
قوله: ((مِنْ الْمُفْسِدِينَ): من الضالين المضلين): فقد سبق أن الكافر إذا وُصف بالإجرام أو الفسق أو الفساد ونحوها كان مبالغة في كفره.