فإن قلت: إلام يرجع الضمير في قوله: (وَمَلَإيهِمْ)؟ قلت: إلى فرعون، بمعنى: آل فرعون، كما يقال: ربيعة ومضر، أو لأنه ذو أصحاب يأتمرون له. ويجوز أن يرجع إلى "الذرية"، أي: على خوف من فرعون وخوف من أشراف بنى إسرائيل، لأنهم كانوا يمنعون أعقابهم خوفا من فرعون عليهم وعلى أنفسهم، ويدل عليه قوله: (أَنْ يَفْتِنَهُمْ) يريد: أن يعذبهم.

(وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ): لغالب فيها قاهر، (وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ) في الظلم والفساد، وفي الكبر والعتوّ، بادعائه الربوبية.

[(وَقالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ * فَقالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) 84 - 86].

(إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ): صدقتم به وبآياته (فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا): فإليه أسندوا أمركم في العصمة من فرعون،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ذو أصحاب): قال الزجاج: "جاز أن يُقال: (وَمَلَئِهِمْ)، لأن فرعون ذو أصحاب يأتمرون له، والملأ من القوم: الرؤساء الذين يرجع إلى قولهم".

وقلت: اعتبر التعدد في نفس فرعون من جهة كونه ذا أصحاب كأنه جماعة، كما وقع في مخاطباتهم: إنا فعلنا، وهم فعلوا. والفرق أن معنى التعدد في الثاني للتعظيم، وفي الأول لمجرد الإضافة، فعلى هذا: الضمير المرفوع في (أَنْ يَفْتِنَهُمْ) لفرعون وملئه، غُلب "فرعون" على "الملأ"؛ لأنهم يأتمرون بأمره، ولو رجع إليه وإلى الملأ لقيل: "أن يفتنوهم".

والظاهر أن يرجع الضمير في (وَمَلَئِهِمْ) إلى ذرية بني إسرائيل، فلا يفتقر إلى التأويلين، ولهذا قال: "ويدل عليه قوله: (أَن يَفْتِنَهُمْ) ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015