. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وثانيها: ظاهر.

وثالثها: أن يكون حكاية لكلامهم، كأنهم قالوا: أجئتما بالسحر تطلبان به الفلاح، ولا يفلح الساحر؟ ! وهو ليه السلام يحكي عنهم على طريقة المشاكلة وإطباق الجواب على السؤال، ويرد عليهم، أو أن يكون لهم كلام يقرب من هذا، فإنهم لما قالوا: (إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ) جيء بهذا الكلام حاكياً لذلك، يعني: دعوا هذا، فنكم أنكرتموه بأبلغ من ذلك حيث قلتم: أجئتما بالسحر تطلبان به الفلاح؟ !

نحوه مر في قوله تعالى: (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ) [البقرة: 7]، وفي قوله: (إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً) [البقرة: 26]، هذا أغمض الوجوه، وإن قال صاحب "الانتصاف": " [في] الفرق بين القولين غموض، وإيضاحه: أن "القول" في الأول: كناية عن العيب، فلا يتقاضى مفعولاً، وفي الثاني: على بابه، فطلب مفعولاً".

وقلت: يحتمل وجهاً آخر في الآية، وهو أن قولهم: (إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ) دل على هذا الجواب من حيث المعنى، فإنهم لما أثبتوا لهما السحر، وأكدوا الجملة بـ (إنَّ) واللام، كأنهم ادعوا أن ما جاء به من قبيل الباطل الذي لا يفلح صاحبهن لما اشتهر بين الناس أن السحر باطل، وصاحبه غير مفلح، ألا ترى إلى قول موسى عليه السلام: (مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ) - ولذلك سمي رسول الله صلى الله عليه وسلم السحرة بالبطلة في قوله: "اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة"، أخرجه مسلم عن أبيأمامة-، فجاء موسى عليه السلام بمايلزم من كلامهم، وأنكر عليهم ذلك، أي: أتقولون للحق الواضح الذي يفوز صاحبه بكل بغية ذلك، أي: أسحر هذا، والحال أن الساحر لا يُفلح؟ !

طور بواسطة نورين ميديا © 2015