والواو بمعنى "مع" يعنى: فأجمعوا أمركم مع شركائكم. وقرأ الحسن: "وشركاؤكم" بالرفع، عطفا على الضمير المتصل، وجاز من غير تأكيد بالمنفصل؛ لقيام الفاصل مقامه لطول الكلام، كما تقول: اضرب زيداً وعمرو.

وقرئ: "فاجمعوا" من الجمع، و"شركاءكم"؛ نصب للعطف على المفعول، أو لأنّ الواو بمعنى "مع"، وفي قراءة أبىّ: "فأجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم".

فإن قلت: كيف جاز إسناد الإجماع إلى الشركاء؟ قلت: على وجه التهكم، كقوله (قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ) [الأعراف: 195].

فإن قلت: ما معنى الأمرين؛ أمرهم الذي يجمعونه، وأمرهم الذي لا يكون عليهم غمة؟ قلت: أمّا الأمر الأوّل: فالقصد إلى إهلاكه، يعنى: فأجمعوا ما تريدون من إهلاكي، واحتشدوا فيه وابذلوا وسعكم في كيدي، وإنما قال ذلك إظهارا لقلة مبالاته، وثقته بما وعده ربه من كلاءته وعصمته إياه، وأنهم لن يجدوا إليه سبيلا.

وأما الثاني ففيه وجهان، أحدهما: أن يراد مصاحبتهم له،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: ("فاجمعوا"؛ من الجمع): يمكن أن يكون المراد: فاجمعوا ذوي الأمر منكم، أي: رؤساءكم ووجوهكم، كما قال تعالى: (وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) [النساء: 59]، ويجوز أن يكون المراد بالأمر: ما كانوا يجمعونه من كيدهم، كقوله تعالى: (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً) [طه: 64].

زعم أبو الحسن: أن وصل الألف في (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ) أكثر في كلامهم، وإنما يقطعون الألف إذا قالوا: على كذا وكذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015