والباء حقها أن تتعلق بقوله: (إِنْ عِنْدَكُمْ) على أن يجعل القول مكاناً للسلطان، كقولك: ما عندكم بأرضكم موز، كأنه قيل: إن عندكم فيما تقولون سلطان، (أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ) لما نفى عنهم البرهان جعلهم غير عالمين، فدلّ على أنّ كل قول لا برهان عليه لقائله؛ فذاك جهل وليس يعلم.

[(قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ * مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) 69 - 70].

(يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) بإضافة الولد إليه (مَتاعٌ فِي الدُّنْيا) أي: افتراؤهم هذا منفعة قليلة في الدنيا، وذلك حيث يقيمون رئاستهم في الكفر ومناصبتهم النبي صلى الله عليه وسلم بالتظاهر به، ثم يلقون الشقاء المؤبد بعده.

[(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ * فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) 71 - 73].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: ((إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ)): قيل: قوله: (سُلْطَانٍ) مبتدأ، و (إنْ) نافية، و (مِن) زائدة، و (عِنْدَكُمْ) الخبر، و (بِهَذَا) حال من الضمير في الظرف العائد إلى (سُلْطَانٍ)، كأنه قيل: ما عندكم حجة حاصلة أو واقعة في هذا القول مكاناً ومحلاً للسلطان. وهو متعسف؛ لأنه يلزم الفصل بين العامل المعنوي ومعموله بأجنبي، والأولى أن يُقال: (مِن سُلْطَانٍ) فاعل الظرف، لأنه اعتمد على النفي، و (بِهَذَا) ظرف، والباء بمعنى "في"، أي: ما حصل عندكم في هذا سلطان، قال أبو البقاء: " (إنْ) هاهنا بمعنى "ما" لا غير".

قوله: (ومناصبتهم النبي بالتظاهر به): أي: معاداته صلى الله عليه وسلم بسبب التعاون بالافتراء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015