[(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) 67].

ثم نبه على عظيم قدرته ونعمته الشاملة لعباده التي يستحق بها أن يوحدوه بالعبادة، بأنه جعل لهم الليل مظلماً ليسكنوا فيه مما يقاسون في نهارهم من تعب التردّد في المعاش، والنهار مضيئاً يبصرون فيه مطالب أرزاقهم ومكاسبهم، (لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) سماع معتبر مدّكر.

[(قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ) 68].

(سُبْحانَهُ) تنزيه له عن اتخاذ الولد، وتعجب من كلمتهم الحمقاء، (هُوَ الْغَنِيُّ) علة لنفى الولد، لأنّ ما يطلب به الولد من يلد، وما يطلبه له: السبب في كله الحاجة، فمن الحاجة منتفية عنه كان الولد عنه منتفيا.

(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) فهو مستغن بملكه لهم عن اتخاذ أحد منهم ولدا، (إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا): ما عندكم من حجة بهذا القول،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (يبصرون فيه): إشارة إلى أن الإسناد في قوله: (مُبْصِراً) مجاز، أي: أسنده إلى النهار مبالغة في إبصارهم الأشياء فيه، كقولك: نهاره صائم.

قوله: (لأن ما يطلب به الولد من يلدن وما يطلبه له): يعني: الذي يطلب الوالد باستعانته الولد- وهو الزوجة-، والذي يطلب الوالد لأجله الولد- وهو أن يكون ظهيراً له في حياته، وخلفاً بعد مماته-: السبب في كل ذلك الحاجة، والله سبحانه وتعالى هو الغني عن الحاجة. هذا المعنى مأخوذ من قوله تعالى: (بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الأنعام: 101]، وقد أشبعنا القول فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015