(مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ): يعنى العقلاء المميزين، وهم الملائكة والثقلان، وإنما خصهم، ليؤذن أن هؤلاء إذا كانوا له وفي ملكته فهم عبيد كلهم، وهو سبحانه وتعالى، ربهم ولا يصلح أحد منهم للربوبية، ولا أن يكون شريكا له فيها، فما وراءهم مما لا يعقل أحق أن لا يكون له نداً وشريكا، وليدلّ على أنّ من اتخذ غيره ربا من ملك أو إنسي، فضلا عن صنم أو غير ذلك، فهو مبطل تابع لما أدّى إليه التقليد وترك النظر.
ومعنى: وما يتبعون شركاء، أي: وما يتبعون حقيقة الشركاء وإن كانوا يسمونها شركاء، لأنّ شركة الله في الربوبية محال، (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظن) أنها شركاء، (إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ): يحزرون ويقدرون أن تكون شركاء تقديراً باطلا.
ويجوز أن يكون (وَما يَتَّبِعُ) في معنى الاستفهام، يعنى: وأي شيء يتبعون، (وشُرَكاءَ) نصب علي هذا بـ (يدعون)، وعلى الأوّل بـ (يتبع)، وكان حقه: وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء شركاء، فاقتصر على أحدهما للدلالة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وكان حقه): أي: على التقدير الأول، لأنه لابد لقوله: (يَدْعُونَ) من مفعول، فإذا كان (شُرَكَاءَ) مفعولاً لقوله: (وَمَا يَتَّبِعُ) فيقدر له أيضاً آخر مثله، المعنى على هذا: من في السماوات ومن في الأرض مملو لله ومختص به، لا شركي له فيهما أحد، وهؤلاء ما يتبعون شركاء، وإن سموه شركاء.
والمعنى على الثاني: كل من في السماوات ومن في الأرض من الملائكة والثقلين مملوكون له، أي شيء هذا الذي يتبعه هؤلاء الذين يدعونه شركاء من دون الله؟ أي: ما مقداره؟ يعني: ما يتبعونه ليس بشيء.