[(وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) 65].

(وَلا يَحْزُنْكَ) وقرئ: "ولا يحزنك"؛ من: أحزنه، (قَوْلُهُمْ): تكذيبهم لك، وتهديدهم، وتشاورهم في تدبير هلاكك وإبطال أمرك، وسائر ما يتكلمون به في شأنك، (إِنَّ الْعِزَّةَ) ِ استئناف بمعنى التعليل، كأنه قيل: مالي لا أحزن؟ فقيل، إنّ العزة لله جميعاً، أي: إن الغلبة والقهر في ملكة الله جميعاً، لا يملك أحد شيئاً منها لا هم ولا غيرهم، فهو يغلبهم وينصرك عليهم، (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) [المجادلة: 21]. (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا) [غافر: 51].

وقرأ أبو حيوة: "أن العزة"، بالفتح بمعنى: لأن العزة؛ على صريح التعليل، ومن جعله بدلا من (قولهم) ثم أنكره، فالمنكر هو تخريجه، لا ما أنكر من القراءة به.

(هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ): يسمع ما يقولون، ويعلم ما يدبرون ويعزمون عليه، وهو مكافئهم بذلك.

[(أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ) 66].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ومن جعله بدلاً من (قولهم)): قيل: هو قتيبة بن مسلم؛ جعل "أن العزة"- بفتح "أن" - بدلاً من قوله تعالى: (قولهم)، ثم أنكره بأن قال: "هذا يؤدي إلى أن يُقال: فلا يحزنك أن العزة لله جميعاً، وهو فاسد"، فالمنكر تخرجيه حيث جعله بدلاً، ولم يجعله تعليلاً على حذف حرف العلة، كما قررناه، وحين جعله بدلاً لم يجعله من قبيل قوله تعالى: (فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكَافِرِينَ ... ) وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ) [القصص: 86 و 89]، ومثله في سورة يس، فيكون للتهييج والإلهاب والتعريض بالغير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015