فيجوز أن يكون ذكر التقطيع تصويراً لحال زوال الريبة عنها، ويجوز أن يراد حقيقة تقطيعها، وما هو كائن منه بقتلهم، أو في القبور، أو في النار.
وقرئ: "يقطع"، بالياء، و"تقطع"، بالتخفيف، و (تقطع)، بفتح التاء؛ بمعنى تتقطع،
و"تقطع قلوبهم"، على أن الخطاب للرسول، أي: إلا أن تقطع أنت قلوبهم بقتلهم. وقرأ الحسن:
"إلى أن"، وفي قراءة عبد الله: "ولو قطعت قلوبهم"، وعن طلحة: "ولو قطعت قلوبهم"؛ على خطاب الرسول أو كل مخاطب.
وقيل: معناه: إلا أن يتوبوا توبة تتقطع بها قلوبهم ندما وأسفاً على تفريطهم.
[(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) 111].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ذكرُ التقطيع تصويراً لحال زوال الريبة عنها): أي: كناية عن أن الريبة باقية متمكنة فيها غير زائلة، فلو صور أن قلوبهم تقطع وتفرق قطعاً حتى تخرج الريبة منها لزالت، وأما ما دامت سالمة متجمعة فالريبة باقية متمكنة فيها، ولما كانت الكناية غير منافية لإرادة غير ما وُضع له اللفظ ولإرادة ما وُضع له، قال: "فيجوز" بالفاء، وعطف عليه: "ويجوز أن يُراد حقيقته".
قال القاضي: " (إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ) قطعاً بحيث لا يبقى لها قابلية الإدراك والإضمار، وهو في غاية المبالغة، والاستثناء من أعم الأزمنة".
قوله: (و (تَقَطَّعَ) بفتح الفاء): ابن عامر وحفص وحمزة، والباقون: بضمها.