فكلم بنو عمرو بن عوف - أصحاب مسجد قباء - عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته: أن يأذن لمجمع يؤمّهم في مسجدهم، فقال: لا، ولا نعمة عين، أليس بإمام مسجد الضرار؟ فقال: يا أمير المؤمنين، لا تعجل علىّ، فوالله لقد صليت بهم، والله يعلم أنى لا أعلم ما أضمروا فيه، ولو علمت ما صليت معهم فيه، كنت غلاما قارئاً للقرآن، وكانوا شيوخا لا يقرؤون من القرآن شيئا، فعذره وصدّقه، وأمره بالصلاة بقومه.

[(لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) 110].

(رِيبَةً): شكا فى الدين ونفاقا، وكان القوم منافقين، وإنما حملهم على بناء ذلك المسجد كفرهم ونفاقهم، كما قال عزّ وجلّ: (ضِراراً وَكُفْراً) [التوبة: 107]، فلما هدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ازدادوا - لما غاظهم من ذلك وعظم عليهم - تصميما على النفاق، ومقتاً للإسلام، فمعنى قوله: (لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ):

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والثاء المثلثة في نُسخ "الكشاف"، والرواية في "جامع الأصول": "مُجمع بن حارثة- ويُقال: ابن جارية- بن عامر الأنصاري، وكان أبوه منافقاً من أهل مسجد الضرار، وكان مُجمع مستقيماً، وكان قارئاً".

"مُجمع": بضم الميم وفتح الجيم وتشديد الميم الثانية وسرها وبالعين المهملة، و"جارية": بالجيم والياء تحتها نقطتان والراء: نحوه في "الاستيعاب".

قوله: (ولا نعمة عين): النعمة مصدر سماعي بمعنى الإنعام، الجوهري: "نُعمة العين - بالضم-: قرتها، ويُقال: نُعمَ عين، [ونعام عين]، ونعامة عين، ونعمة عين، ونعمى عين، كله بمعنى، أي: أفعل ذلك كرامة لك وإنعاماً لعينك وما أشبهه".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015