وقيل: كانوا عشرة، فسبعة منهم أوثقوا أنفسهم لما بلغهم ما نزل في المتخلفين، فأيقنوا بالهلاك، فأوثقوا أنفسهم على سواري المسجد، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل المسجد فصلى ركعتين، وكانت عادته صلى الله عليه وسلم كلما قدم من سفر، فرآهم موثقين، فسأل عنهم، فذكر له أنهم أقسموا أن لا يحلوا أنفسهم حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يحلهم، فقال: "وأنا أقسم أن لا أحلهم حتى أؤمر فيهم"، فنزلت، فأطلقهم وعذرهم، فقالوا: يا رسول الله، هذه أموالنا التي خلفتنا عنك، فتصدق بها وطهرنا، فقال: "ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئاً"، فنزلت: (خذ من أموالهم صدقة) [التوبة: 103].
(عَمَلًا صالِحاً): خروجا إلى الجهاد، (وَآخَرَ سَيِّئاً): تخلفا عنه. عن الحسن وعن الكلبي: التوبة والإثم.
فإن قلت: قد جعل كل واحد منهما مخلوطا، فما المخلوط به؟ قلت: كل واحد منهما مخلوط ومخلوط به، لأنّ المعنى: خلط كل واحد منهما بالآخر، كقولك: "خلطت الماء واللبن"، تريد: خلطت كل واحد منهما بصاحبه، وفيه ما ليس في قولك: "خلطت الماء باللبن"، لأنك جعلت الماء مخلوطاً واللبن مخلوطاً به،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وذكر محيي السنة في "المعالم" عن ابن عباس أنه قال: كانوا عشرة منهم أبو لبابة. وروى عطية [عنه]: أنهم كانوا خمسة أحدهم أبو لبابة، وقال سعيد بن جبير وزيد بن أسلم: كانوا ثمانية، وقال قتادة والضحاك: كانوا سبعة، وقالوا جميعاً: أحدهم أبو لبابة.
قوله: (وكانت عادته): أي: كانت دخول المسجد للصلاة بعد القدوم عادته صلوات الله عليه، فأنث اسم "كان" باعتبار الخبر، كقوله: من كانت أمك؟
قوله: (وفيه ما ليس في قولك: خلطت الماء باللبن): أي: من أن كل واحد منهما مخلوط