(والسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ) هم الذين صلوا إلى القبلتين، وقيل: الذين شهدوا بدراً،
وعن الشعبي: من بايع بالحديبية، وهي بيعة الرضوان ما بين الهجرتين، (و) َمن (الْأَنْصارِ) أهل بيعة العقبة الأولى، وكانوا سبعة نفر، وأهل العقبة الثانية وكانوا سبعين، والذين آمنوا حين قدم عليهم أبو زرارة مصعب بن عمير، فعلمهم القرآن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((و) من (الأَنصَارِ): أهل بيعة العقبة): معطوف على قوله: "من المهاجرين"، وقوله: "والذين آمنوا حين قدم" معطوف على قوله: "أهل بيعة العقبة"، وهذا موضع يفتقر إلى فضل بسط لاشتماله على طبقات الصحابة رضوان الله عليهم، وقد اضطرب فيه كلام المصنف، فنقول- والله أعلم-.
لا يخلو من أن يفسر (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ) بالذين أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحصل لهم السبق بإدراكه وصحبته، فتكون (مِنَ) بيانية، أو بالذين سبقوا على بعضهم بما نالوا من الكرامة التي لم تحصل لغيرهم، وتكون (مِنَ) تبعيضية.
يؤيده ما روى محيي السنة والواحدي عن سعيد بن المسيب وقتادة وابن سيرين وجماعة: هُم الذين صلوا إلى القبلتين. وعن عطاء بن أبي رباح: هم أهل بدر. وعن الشعبي: من شهد بيعة الرضوان، وكانت بيعة الرضوان بالحديبية.
وروى عن أبي صخر قال: أتيت محمد بن كعب القرظي فقلت له: ما قولك في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: جميعُ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة، محسنهم ومسيئهم. فقلت: من أين تقول؟ قال: اقرأ (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ) إلى أن قال: (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)، (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ) شرط في التابعين شريطة، وهو أن يتبعوهم في أفعالهم الحسنة دون السيئة. قال أبو صخر: فكأني لم أقرأ هذه الآية قط.