[(وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) 98 - 99].

(مَغْرَماً): غرامة وخسراناً، والغرامة: ما ينفقه الرجل وليس يلزمه، لأنه لا ينفق إلا تقية من المسلمين ورياء، لا لوجه الله عزّ وجلّ، وابتغاء المثوبة عنده، (وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ) دوائر الزمان: دوله وعقبه؛ لتذهب غلبتكم عليه، ليتخلص من إعطاء الصدقة.

(عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) دعاء معترض، دعا عليهم بنحو ما دعوا به، كقوله عز وجل: (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) [المائدة: 64].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (دوله وعقبه): جمع عقبة؛ النوبة. الأساس: "الدهر دول، والله يداول الأيام بين الناس؛ مرة لهم ومرة عليهم، والدهر دول وعقب ونوب، وتداولوا الشيء بينهم".

قوله: (دعا عليهم بنحو ما دعوا به، كقوله تعالى: (وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) [المائدة: 64]: "الانتصاف": "ما في هذه الآية زيادة مناسبة بآية المائدة، لأن الذي نُسب إليهم - انتظار الدوائر- مُطلق، ودعاؤه عليهم بدائرة السوء مقيد".

قلت: يكفي في تشبيهه به أن تكون المشاكلة من حيث اللفظ لا من حيث المعنى، كما قال هناك: "والطباق من حيث اللفظ"، على أن استعمال هذا اللفظ في الشر أكثر، لا سيما من أعداء الله، فإذن لا يكون مطلقاً، لكن في قول المصنف: "دعا عليهم بنحو ما دعوا به" بحث؛ لأن قوله: (وَيَتَرَبَّصُ بِكُمْ الدَّوَائِرَ) لا دعاء فيه، بل هو إخبار، اللهم إلا أن يُقال: إن من تربص بغيره السوء لا يخلو من الدعاء عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015