لجفائهم وقسوتهم وتوحشهم، ونشئهم في بعد من مشاهدة العلماء، ومعرفة الكتاب والسنة، (وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا) وأحق بجهل حدود الدين وما أنزل الله من الشرائع والأحكام، ومنه قوله عليه السلام: "إن الجفاء والقسوة في الفدّادين".
(وَاللَّهُ عَلِيمٌ): يعلم حال كل أحد من أهل الوبر والمدر، (حَكِيمٌ) فيما يصيب به مسيئهم ومحسنهم، ومخطئهم ومصيبهم، من عقابه وثوابه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والأعراب: ساكنو البادية من العرب الذين لا يُقيمون في الأمصار، ولا يدخلونها إلا لحاجة. والعرب: اسم لهذا الجيل المعروف من الناس، ولا واحد له من لفظه، وسواء أقام البادية أو المدن، والنسبة إليه: أعرابي وعربي. وقال صاحب "المغرب": "العربي: واحد العرب، وهم الذين استوطنوا المدن والقرى، والأعراب: أهل البدو".
قوله: (لجفائهم وقسوتهم وتوحشهم)، الأساس: "جفاني فُلان: فعل بي ما ساءني، وثوب جاف: غليظ، وهو من جفاة العرب".
قال الإمام: "إنما حكم عليهم بشدة الكفر والنفاق، لأنهم ما كانوا تحت سياسة سائس، ولا تأديب مؤدب، ولا ضبط ضابط، فنشؤوا كما شاؤوا، ومن أصبح وأمسى [مشاهداً] لوعظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبياناته الشافية، وتأديباته الكاملة، كيف يكون مساوياً لمن لم يؤاثر هذا الخير؟ ! فقابل الفواكه الجبلية بالبستانية لتعرف الفرق، ولشبههم بالوحوش، واستيلاء الهواء الحار اليابس الموجب لمزيد التكبر والنخوة".
روينا عن أحمد بن حنبل وأبي داود والترمذي النسائي عن ابن عباس: "من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى السلطان افتتن".
قوله: (في الفدادين)، النهاية: "الفدادون - بالتشديد-: الذين تعلو أصواتهم في حروثهم ومواشيهم، وقيل هم المكثرون من الإبل، وقيل: هم الجمالون والبقارون والحمارون والرعيان".